السبت، 15 أغسطس 2020

الرئيسية بحث كامل عن وجوب طاعة ولي الأمر

بحث كامل عن وجوب طاعة ولي الأمر

 

مقدمة:

لقد أجمع علماء أهل السنة والجماعة على وجوب السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين بالمعروف وألفوا في ذلك مؤلفات كثيرة ولأهمية هذا الأمر أدرجوه في العقيدة، ولا تكاد ترى مؤلفاً يخلو من تقرير وجوب السمع والطاعة لولاه أمر المسلمين، لأجل إظهار عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين بإحسان ليقتدي بهم وما ذلك إلا لبالغ أهميته وعظيم شأنه ولولا السمع والطاعة لما استقام أمر المسلمين ولا انتظمت مصالح الدين والدنيا، وفي طاعتهم سد لأبواب الفتن.

ولقد علم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامه إلا بسمع وطاعة، ومن المقرر لدى السلف الصالح، أنهم يولون هذا الأمر اهتماماً خاصاً، لاسيما عند ظهور بوادر الفتن أو الأفكار المنحرفة أو غلبة الجهل به، نظراً لما يترتب عليه الجهل به أو إغفاله من الفساد العريض في البلاد، والعدول عن سبيل الهدي والرشاد ولا ريب أن الزمن الذي نعيش فيه الآن اجتمع فيه كل ذلك

وفي ذلك قمت بعمل هذا البحث للتعرف على مدى وجوب طاعة ولي الأمر وقد استخدمت المنهج الاستقرائي، وقد قمت بتقسيم هذا البحث إلى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، وهي كما يلي:

-       المبحث الأول: تعريف طاعة ولي الأمر

-       المبحث الثاني: ضوابط طاعة ولي الأمر

-       المبحث الثالث: الأدلة على وجوب طاعة ولي الأمر

-       الخاتمة: وقد تضمنت النتائج والتوصيات

 

المبحث الأول: تعريف طاعة ولي الأمر ومكانته

أولاً: مفهوم الطاعة في اللغة والاصطلاح:

الطاعة في اللغة: أصل الكلمة يعود إلى ثلاثة أحرف وهي الطاء والواو والعين وهي لفظ ذو معنى واحد يدل على الأصحاب والانقياد، إذا انقاد معه ومضى لأمره، وأطاعه بمعنى طاع له ويقال لمن وافقه غيره قد طاوعه([1]).

والطاعة اسم من أطاعه والطواعية اسم لما يكون مصدراً لطاوعه والاستطاعة وربما قالوا (اسطاع) يستطيع يحذفون التاء استثقالاً لها مع الطاعة،

والاستطاعة: القدرة على الشيء وقيل: هي استقال من الطاعة

الطاعة في الاصطلاح: عرفها العلماء بأنها انقياد القلب والجوارح للأحكام الشرعية وامتثال أوامر الله عز وجل وأوامر رسوله، ومن أذن الله بطاعته من خلقه في غير معصية([2]).

تعريف طاعة ولي الأمر:

يمكن تعريفها بأنها من له سلطة شرعية عامة وفق مصلحة الدين والوطن، يجوز له بمقتضاها إجراء تصرفات تترتب عليها آثار شرعية لها عنصر الإلزام وقوة التنفيذ، وقد تم تعريفها أيضاً بأنها: الاستجابة والانقياد لما يأمر به وينهى عنه ولي الأمر وذلك بامتثال الأمر والنهي دون منازعة ومعارضة سواء أمر بما وافق الطبع أو لم يوافقه بشرط أن لا يأمر بمعصيته([3]).

ثانياً: مكانة طاعة أولى الأمر في الإسلام:

اهتمت الشريعة الإسلامية بمكانة طاعة ولاة الأمر في الإسلام اهتماماً بالغاً، وأكدت على طاعتهم بالمعروف، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) ([4]).

فمن قراءة الآية السابقة يمكننا أن نؤكد على أن القرآن الكريم وضع طاعة ولي الأمر في المرتبة الثالثة بعد طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهناك صلة قوية بين طاعة أولي الأمر وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

إن اقتران الأمر بطاعة أولي الأمر مع طاعة الرسول لهو شرف ومزيه لولاه الأمر، لأنهم هم الخلفاء للرسول الكريم في إقامة العدل وأداء الأمانات([5]).

فسعادة البشرية وفلاح الإنسانية تكمن في إيمانها بربها وإتباعها لنبيها وطاعتها لمن ولاه الله أمرها، وإن طاعة ولاة الأمور ثمرة للإيمان بالله ورسوله، بل هي طريق لأداء الطاعة، ورعاية الدين، وعلو الإسلام إذ الأمة المشتتة المتناحرة المتنافرة لا يرجي منها خير، ولا يؤمل لها في قوة ولا تضاف لها كرامة، ولا ترقي لها عزة، فطاعة أولى الأمر فيه توحيد للصفوف ووحدة الأمة هي الأساس المتين لبقائها، ودوام عزها وسعادة أهلها وسلامتها من الانهيار والسقوط، ولذا حرص الإسلام كل الحرص على التجمع، وحفظ كيان الأمة.

المبحث الثاني: ضوابط طاعة ولي الأمر

يقصد بالضوابط هنا هو حدود الطاعة التي تميز الطاعة المشروعة عن الطاعة الممنوعة ولقد عرف العلماء الضابط بقولهم: ما انتظم صوراً متشابهة في موضوع واحد، وسوف نذكر هذه الضوابط كما يلي

أولا: ضوابط متعلقة بولي الأمر:

هناك مجموعة من الشروط لازمة لكي نطيع ولي الأمر وهي كما يلي:

-       أن يكون مسلماً: لقوله تعالى: : (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) ([6]). وهذا يعني إطاعة أولى الأمر من المؤمنين

-       أن يكون ممن تثبت إمامته واجتمع عليه الناس: ويقصد بذلك بيعته، فكل من ثبت إمامته وجبت طاعته وحرم الخروج عليه

ثانياً: ضوابط تتعلق بالطائع (المأمور) ومن تلك الضوابط ما يلي:

-       العلم والفهم للأمر المراد امتثاله: فلا يمكن أن القيام بالطاعة على الوجه المطلوب إلا إذا فهمها، وقد دل ذلك قوله تعالى: (وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) ([7]).

-       الاستطاعة أو القدرة على الطاعة: وهي قاعدة شرعية جليلة في أن شرط التكليف القدرة على المكلف به([8]). ومن أدلة ذلك قوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ([9]).

 

المبحث الثالث: الأدلة على وجوب طاعة ولي الأمر

إن طاعة ولي الأمر من الواجبات الشرعية والأدلة على وجوب طاعة ولي الأمر كثيرة منها:

1-    قوله تعالى {یَا أَیُّھَا الَّذِینَ آمَنُواْ أَطِیعُواْ اللّھَ وَأَطِیعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّھِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّھِ وَالْیَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَیْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِیلاً)([10]).

2-    ما روى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني)([11]).

3-    ما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسولنا الكريم: (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية"

4-    عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي الكريم أنه قال: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) ([12]).

قال الحافظ ابن حجر- رحمة الله وفي الحديث وجوب طاعة ولاة الأمور وهي مقيدة بغير الأمر بالمعصية، والحكمة في الأمر بطاعتهم المحافظة على اتفاق الكلمة لما في الافتراق من الفساد([13]).

الخاتمة

إن وجوب طاعة أولى الأمر من أهم الأمور التي أمرنا الله تعالى ورسوله بها وقد استخلصت مجموعة من النتائج أهمها

النتائج:

1-    إن السمع والطاعة لولي الأمر أصل عظيم اجتمع عليه أهل السنة والجماعة بدلالة الكتاب والسنة والإجماع وأقوال السلف إذا تضافرت بوجوبها على الرعية

2-    هناك ضوابط لطاعة أولى الأمر في الشريعة الإسلامية لكي تصبح طاعة مشروعة منها ما يتعلق بالمطاع ومنها ما يتعلق بالطائع

3-    للسمع والطاعة لأولى الأمر دور فعال في تحقيق الأمن والاستقرار والاجتماعي وعدم الفرقة وفي حماية مقاصد الشرع

التوصيات:

- على العلماء العمل على توحيد الأمة على اختلاف أفكارها ومذاهبها ومناهجها ما دامت لا تخرج عن منهج القرآن والسنة . فللعلماء دور بارز على مدار التاريخ في توجيه الأمة الوجهة الصحيحة وتحديد مكامن الخطر، ولذا فلابد من إطاعة أولي الأمر والحث على ذلك


 

المراجع

1-    القرآن الكريم

2-    الحديث الشريف

3-    معجم مقاييس اللغة، أحمد بن زكريا ابن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، مصر، وزارة المعارف المملكة العربية السعودية، ط2، 1981م

4-    الطاعة وأنواعها في القرآن الكريم، عبد العزيز بن محمد السحيباني، رسالة ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية أصول الدين، قسم القرآن وعلومه، 1416هـ

5-    طاعة ولي الأمر، د. عبد الله بن إبراهيم الطريقي، دار المسلم، الرياض، ط1، 1414هـ

6-    الموافقات، إبراهيم بن موسى الشاطبي، تحقيق: مشهور حسن آل سليمان، دار ابن عفان، الخبر، ط1، 1997م

7-    فتح الباري بشرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر، المطبعة السفلية، القاهرة، ط2، 1403هـ

 



( [1] ) معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، 3/ 431

( [2] ) الطاعة وأنواعها في القرآن الكريم، السحيباني، ص30

( [3] ) طاعة ولي الأمر، للطريقي، ص9

( [4] ) سورة النساء: الآية 59

( [5] ) الطاعة وأنواعها في القرآن الكريم، للسيحباني، ص349

( [6] ) سورة النساء: الآية 59

( [7] ) سورة البقرة: الآية 285

( [8] ) الموافقات للشاطبي، 2/ 171

( [9] ) سورة البقرة: الآية 286

( [10] ) سورة النساء: الآية 59

( [11] ) متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب الأحكام

( [12] ) متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب الأحكام

( [13] ) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، 13/ 120

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.