السبت، 15 أغسطس 2020

الرئيسية بحث كامل عن أخلاقيات مهنة الممرض

بحث كامل عن أخلاقيات مهنة الممرض

 

المقدمة:

إن مهنة التمريض من أوائل المهن النبيلة التي ظهرت في حياة البشرية حيث تعد أقدم المهن وأجلها، وقد تميزت بأنها سامية نظراً لما يتميز به العاملون بها من إيمان خالص حيث أنها تتجسد فيها أسمى المعاني والمبادئ الإنسانية، فقد اعتاد الإنسان منذ القدم على بذل الجهود لمساعدة الإنسان المريض والاهتمام به بمجرد إصابته بالمرض، وهذه الجهود تكون ناتجة من روح التعاون والمشاركة والإحساس بالمسئولية نحو أفراد المجتمع الذي يعيش فيه، وبهذا تكون هذه المهنة قد سبقت مهنة الطب التي تمثلت في تشخيص المرض وعلاجه، وحينما نقوم بتدقيق النظر إلى تلك المهنة فنجد أن الالتزام بالعديد من الأخلاقيات والآداب المختلفة حيث تعتبر جزء لا يتجزأ من شروط العمل بها كالصدق والأمانة والإخلاص والرحمة وغيرها من القيم الأخلاقية، ولذا فإن التزام الممرض بأخلاقيات الإسلام له أثر بالغ على صحة المريض ونفسيته

وقد اهتمت الكثير من المجتمعات الإنسانية بالخدمات الصحية والطبية وذلك من أجل حفظ الصحة للأصحاء ودفع المرض عن المرضى بالمداواة حتى يحصل لهم الشفاء من أمراضهم، لذا حرصت الأمم على تقدم العلوم الصحية والرقي بها حتى تصل إلى أعلى المستويات على الرغم من اهتمام شريعتنا الإسلامية بصحة الكائن البشري، حيث يساهم الذين يمتنهون تلك المهنة في إنقاذ حياة المصابين وعلاجهم من الأمراض المختلفة ومتابعة حالاتهم والاهتمام بها حتى الشفاء([1]).

ولما كانت هذه المهنة بهذا الشرف وهذه المكانة استوجب أن يكون الممارس لها ومن في هذا المجال على أفضل خلق وأحسن أدب، كما استوجب عليهم معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بالأعمال الطبية، والحق أن قواعد الأخلاقيات أو الآداب المهنية لا تصدر في شكل واحد فهي تصدر أحياناً في صورة لائحة تقوم الجهة المهنية بإعداد مشروعها، وبصرف النظر عن الشكل الذي تظهر فيه قواعد أخلاقيات المهنة ، فإنه يعد القوة الإلزامية لقواعد أخلاقيات المهنة([2]).

ومن هنا فقد قمت بتقسيم هذا البحث إلى مقدمة وخمسة مباحث وهي كما يلي:

-          المبحث الأول: تعريف أخلاقيات المهنة

-          المبحث الثاني: أنواع أخلاقيات مهنة الممرض

-          المبحث الثالث: إدوار أخلاقيات مهنة الممرض بالأداء الوظيفي

-          المبحث الرابع: علاقة الأخلاقيات بمهنة الممرض بالأداء الوظيفي

-          المبحث الخامس: ويتلخص في الخاتمة التي تشتمل على النتائج والتوصيات


المبحث الأول: تعريف أخلاقيات المهنة

لاشك أن لكل مهنة واجباتها الأدبية التي تنشأ معها وتترعرع في أحضانها بحيث يجد من يمارس المهنة ملزماً بالانصياع لهذه الواجبات بوازع من ضميره ويدافع من خلقه بغض النظر عما إذا كان الشارع قد قام بتقنين تلك الواجبات أم لا

تعريف أخلاقيات المهنة: هي مجموعة القواعد التي تحكم سلوك الأشخاص الذين ينتمون إلى مهن منظمة في شكل نقابات مهنية، في عبارة واحدة فإن قواعد أخلاقيات المهنة هي مجموعة القواعد التي تحدد الواجبات المهنية أي تحدد السلوك الذي يجب على المهني التزامه في ممارسته لأعمال مهنته، فمثلاً قواعد أخلاقيات مهنة الطب تتضمن تحديداً للواجبات التي ينبغي على الطبيب مراعاتها في ممارسته لمهنة الطب

أما مهنة التمريض فيمكن تعريفها بأنها: مساعدة الفرد (سليماً أو معاقي) في أداء النشاطات التي يقوم بها الفرد دون مساعدة كالنفس والأكل والإطراح والراحة والنوم والحركة ونظافة الجسم، والمحافظة عليه، وهي أيضاً القدرة على العناية بالإنسان الصحيح وتجنيبه الإصابة بالمرض والعناية به عندما يمرض، وذلك بتحمل احتياجاته الشخصية أو مساعدته بأداء تلك الاحتياجات، أما الممرض أو الممرضة: هو الرجل الذي أخذ قدراً كافياً من الثقافة العامة بجانب العلوم الفنية والطبية والتمريضية التي تزود بها للعناية بالمريض والمحافظة على المستوى الصحي السليم، بعد أن أصبحت لديه المعرفة الكافية لتقديم أفضل الخدمات الصحية للأفراد للوقاية من الأمراض والسهر على راحتهم أثناء المرض([3]).

تعريف أخلاقيات مهنة الممرض:

إن أخلاقيات المهن بشكل عام تقوم بتحديد ما هو صواب وما هو خطأ وما يجب أن يكون عليه سلوك العامل بالمهنة في إطار القواعد والمبادئ الخاصة بها، حيث أن تلك الأخلاقيات تقوم بتحديد ضوابط السلوك المهني، وترسيخ مفهوم حضاري وإنساني للمهنة، حيث تتميز هذه المهنة عن غيرها من المهن الأخرى يسمونها وإنسانياتها على اعتبار أن العاملين فيها يقومون بأنبل الأعمال الإنسانية من خلال مساعدتهم للمرضى وعونهم للجرحى وبذلهم المتواصل وجهودهم المكتفية من أجل التخفيف من ألمهم ومعاناتهم لهذا فهي تتطلب ممن يمارسن صفات خاصة، لأنها مهمة دقيقة جداً باعتبارها تعني برعاية المريض رعاية شاملة من النواحي الجسمانية والنفسية والعقلية والعاطفية والاجتماعية المالية، وبالتدقيق في طبيعة المهنة نرى ضرورة أن يلزم العاملين بالتمسك بالعديد من الآداب والأخلاقيات الإسلامية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بها، وتعتبر جزءاً لا يتجزأ منها نظراً للأثر البالغ على صحة المريض([4]).

المبحث الثاني: أنواع أخلاقيات مهنة الممرض

إن قواعد أخلاقيات مهنة التمريض تخاطب الممرضين وحدهم، ومن ثم فإن وظيفتها هي تحديد الواجبات المهنية، أي الواجبات التي تثقل كاهل ذوي المهن بمناسبة قيامهم بأعمال مهنهم، وهذه الواجبات عديدة ومتشعبة، ولكن يمكن ردها إلى ثلاثة صور أساسية:

-    أخلاقياتهم تجاه زملاءهم: وهذه العلاقة تحكمها مبادئ أربعة أساسية تترجمها مجموعة من المبادئ منها مبدأ اللياقة في التعامل والمحافظة على وشائج المودة، ومبدأ التعاون والمساعدة المتبادلة، ومبدأ استقلال المهني في مباشرته لأعمال مهنته، ومبدأ المسئولية الشخصية لكل مهني عما يقوم به من أعمال، وترسى هذه المبادئ تكفل من ناحية الحفاظ على وشائح المودة وتؤكد استقلال المهني في مباشرته لأعمال مهنته وتحمله المسئولية الشخصية عن هذه الأعمال

-    أخلاقياتهم تجاه المرضى: إن العلاقة بين الممرض والمريض هي علاقة من يعلم بمن لا يعلم، ومن مظاهر أخلاقيات الممرض هو التزامه بالمساواة بين المرضى في الرعاية ولا يميز بينهم بسبب مركزهم الأدبي أو الاجتماعي أو شعوره الشخصي نحوهم، بل يجب عليه أن يقدم المساعدة في جميع الظروف، وأن يلتزم موقفاً لائقاً واعياً تجاه أي شخص يعالجه([5]).

-    أخلاقياتهم تجاه الجهة المشرفة على المهنة والمجتمع: يقع على عاتق الممرض واجبان أساسيات فالممرض يلتزم من ناحية بالمحافظة على كرامة المهنة وعدم القيام بأي تصرف يؤدي إلى الحط من قدرها، وهو يلتزم من ناحية أخرى بالابتعاد قدر الإمكان عن الأساليب التجارية في ممارسة المهنة، فالممرض مرآة لمهنته التي يمارسها ولذلك يجب أن يعكس سواء في كيفية أدائه لعمله أو في حياته الخاصة مستوى معيناً من السلوك يتناسب مع مكانته الاجتماعية ويرفع من قدر المهنة التي ينتمي إليها وتعكس قواعد الأخلاقيات المهنية تطبيقات مختلفة لهذا الواجب

المبحث الثالث: أدوار أخلاقيات مهنة الممرض بالأداء الوظيفي

إن مهنة التمريض يعمل على مساعدة المجتمع بالخدمات العلاجية التي تعمل بدورها على المحافظة على الفرد سليماً وتقوم أيضاً بمنع حدوث مضاعفات للمريض، ونجد أن ممارسة مهنة التمريض تتطلب واجبات كثيرة أهمها تقديم العناية الطبية بالنسبة للمريض حيث يقوم الممرض بالعمل على توفير المتطلبات الشخصية والجسمانية والعقلية والعاطفية للمريض والعمل على الوقاية والعلاج، فهو يقوم أيضاً بتنفيذ خطة العلاج التي يقوم برسمها الطبيب حيث أن لديهم عدة اختصاصات أهمها تلبية احتياجات المريض، ويقوم الممرض أيضاً أداء الواجبات التمريضية التي تلزم من أجل تحسن حالة المريض، فهو يستخدم أساليب متعددة وذلك من أجل تحسين حالة المريض وذلك من خلال تغيير الضمادات للأدوية وغير ذلك من الواجبات، وكل تلك الأدوار السامية تجعل الممرض يقوم بتكيف المهارة النفسية والجسمية من أجل مجتمع أفضل فالممرض لابد وأن يعمل على التنمية الصحية المستدامة والتي تتطلب العناية بالمرضى([6]).

مما سبق نجد أن مهنة التمريض من المهن الهامة التي تقوم بغاية سامية ولكي تتحقق فاعلية برامج الخدمات التمريضية لابد من متابعة سلوكيات الممرضات وأخلاقياتهن، وفرض الرقابة عليهن والتدقيق في أساليب تعاملاتهن مع المرضى، ولكي يتحقق الالتزام بتلك الأخلاقيات فلابد من وجود هيئة إدارية عادلة تتشرف على عملية الرقابة والمتابعة لعمل الممرض، وتقويم سلوكياته وأخلاقياته المتمثلة في أساليب التعامل مع المرضى.

 

المبحث الرابع: علاقة الأخلاقيات بمهنة الممرض بالأداء الوظيفي

للمهنة دورها البارز في حياة المجتمع، لأنها وسيلة من وسائل بنائه وتطوره، فالمنشآت الصحية هو سلاح المجتمع للحفاظ على ثروته بوقاية الأفراد من الأمراض أو الأوبئة وعلاج ما يصيبهم منها، ومما سبق إن أخلاقيات المهنة تخاطب المهنيين وتفرضه عليهم واجبات مختلفة فيما يتعلق بقيامهم بنشاطهم المهني، ففي علاقة المهنيين بعضهم ببعض تفرض قواعد أخلاقيات المهنة مبدأ المحافظة على وشائج المودة، والتعاون المتبادل والابتعاد عن أساليب المزاحمة غير المشروعة، كما تؤكد هذه القواعد على مبدأ استقلال المهني في عمله وترتب على ذلك مسئوليته الشخصية عن كل ما يقوم به من أعمال([7]).

يمكن القول إن أهم المسؤوليات التي يقوم بها الممرض تتركز في أربعة نقاط وهي العمل على تحسين صحة المريض وتعزيزها والوقاية من الأمراض بالإضافة إلى تأهيل المريض لتقبل المرض من أجل العلاج، وهذا يتم عن طريق تخفيف المعاناة، فالحاجة إلى مهنة التمريض هي حاجة مهمة تتمثل في إنسانية الفرد، ونحد أن حقوق الإنسان تشتمل على الحق في العناية الصحية بصرف النظر عن العرق أو اللون أو الجنس، فالكل سواسية، ويقوم الممرض بالاعتناء بالفرد والمجتمع على حد سواء، حيث أن يعد عضو فعال في الفريق الصحي، فهذه المهنة تعد مشاركة في صنع القرار الصحي، وتسهم هذه المهنة في رسم السياسات الصحية للدولة وذلك فلابد من اهتمام بتلك المهنة حيث تتطلب المتابعة المستمرة لنوعية العناية وهذا لن يتم إلا من خلال برامج يتم التدريب عليها، فالممرض يقوم بخلق جواً من الاحترام للعادات والتقاليد والمعتقدات حيث يقوم الممرض بإتاحة كافة المعلومات اللازمة للمريض من أجل مساعدته على التأقلم على حالته الصحية([8]).

المبحث الخامس: الخاتمة (النتائج والتوصيات)

النتائج: مما سبق يمكن استنتاج ما يلي:

1-      تعني قواعد أخلاقيات المهنة على عاتق المهنيين تتسم إلى درجة كبيرة بالعمومية، ففي داخل الجماعة المهنية، وتملي قواعد أخلاقيات المهنة واجبات على المهنيين تجاه بعضهم البعض، ويأتي على رأسها واجب المحافظة على المودة

2-      إن أخلاقيات مهنة الممرض تتمتع بقوة الإلزام حيث أن مخالفة هذه القواعد تعد خطأ تأديبيا يؤدي إلى قيام المسئولية التأديبية ومن ثم توقيع الجزاءات التأديبية

3-      إن أخلاقيات المهنة تعد مصدراً للواجبات المهنية التي تثقل كاهل المهني تجاه عميله، وهذه الواجبات تفرض على المهني بصرف النظر عن طبيعة العلاقة التي تربطه بالعميل

التوصيات:

-    دعوة المؤسسات المهنية الطبية إلى التأهيل المستمر لكوادرها الفنية والإدارية وتوعيتهم بالجوانب القانونية المختلفة للعمل الطبي من خلال دورات تدريبية مستمرة، وقاية لهم من الوقوع تحت طائلة المسئولية.

-    التحديث المستمر لأخلاقيات العمل في مهنة التمريض بما يواكب المستجدات الطبية، واعتباره مصدراً للتشريعات الطبية

 

المراجع

  1. مختار، بسام، محاضرات في مادة أخلاقيات وآداب مهنة التمريض، كلية التمريض، جامعة حلوان، 2018م
  2. شقورة، عبد الرحيم شعبان، الدافع المعرفي واتجاهات طلبة كليات التمريض نحو مهنة التمريض، وعلاقة كل منهم بالتوافق النفسي، الجامعة الإسلامية- غزة، 2002م
  3. ميثاق أخلاقيات مهنة التمريض المصري، النقابة العامة للتمريض، 2014م
  4. علي، جابر محجوب، قواعد وأخلاقيات المهنة: مفهومها، أساس إلزامها ونطاقه، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، مج (22)، ع (2)، 1998م
  5. الدريوبش، أحمد بن يوسف، أخلاقيات المهنة: الامتناع عن إسعاف وعلاج المريض، إيقاف الإنعاش القلبي الرئوي، السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني: قضايا طبية معاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود، مج (4)، الرياض، 2010م



( [1] ) شقورة، عبد الرحيم شعبان، الدافع المعرفي واتجاهات طلبة كليات التمريض نحو مهنة التمريض، وعلاقة كل منهم بالتوافق النفسي، الجامعة الإسلامية- غزة، 2002م، ص46

( [2] ) الدريوبش، أحمد بن يوسف، أخلاقيات المهنة: الامتناع عن إسعاف وعلاج المريض، إيقاف الإنعاش القلبي الرئوي، السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني: قضايا طبية معاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود، مج (4)، الرياض، 2010م، ص3535

( [3] ) مختار، بسام، محاضرات في مادة أخلاقيات وآداب مهنة التمريض، كلية التمريض، جامعة حلوان، 2018م، ص5

( [4] ) ميثاق أخلاقيات مهنة التمريض المصري، النقابة العامة للتمريض، 2014م، ص5

( [5] ) علي، جابر محجوب، قواعد وأخلاقيات المهنة: مفهومها، أساس إلزامها ونطاقه، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، مج (22)، ع (2)، 1998م، ص366

( [6] ) شقورة، ، الدافع المعرفي واتجاهات طلبة كليات التمريض، ص46

( [7] ) علي، جابر محجوب، قواعد وأخلاقيات المهنة: مرجع سابق، ص391

( [8] ) مختار، بسام، محاضرات في مادة أخلاقيات، مرجع سابق، ص3

هناك 4 تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.