السبت، 24 فبراير 2018

الرئيسية بحث عن التأكيد على معاني العقيدة الاسلامية

بحث عن التأكيد على معاني العقيدة الاسلامية



التأكيد على معاني العقيدة الاسلامية
-  وإذ قد تبين لنا أصل الداء وأصل الدواء فعلى الداعي المسلم في دعوته الى الله تعالى أن يؤكد على معاني العقيدة الاسلامية. فهي الدواء لأصل الداء الذي بيناه، فيؤكد على الايمان بالله رباً وإلهاً، وعلى الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وعلى البعث بعد الموت بالروح والجسد وعلى ضرورة العمل الصالح للنجاة من العذاب في الآخرة.
فالعقيدة الاسلامية وتجلية معانيها وأصولها وما تستلزمه وتتضمنه هي الاساس في دعوة الداعي وما يؤكد عليه دائماً ولا يغفل عنه مطلقاً، لأنها هي الأصل في دعوته، وما عداه فروع، فإذا استقام له هذا الأصل واستجاب له المدعوون بعد كفرهم، سهل عليه اقناعهم بمعاني الاسلام وفروعه المختلفة، وإذا رفضوه رفضوا سائر فروعه ومعانيه. وهذا هو النهج الصحيح الذي دل عليه القرآن الكريم وسار عليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. فان القرآن ظل يتنزل في مكة بالسور والآيات في بيان أصول العقيدة ومعانيها مثل الايمان بالله ووحدانيته في الربوبية والألوهية والايمان بيوم الحساب ومآل الناس الى الجنة والنار، وضرورة الايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم والقيام بالعمل الصالح المشروع. فمن ذلك قوله تعالى: {قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السموات والأرض وهو يُطعم ولا يُطعَم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين. قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين. وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير}  وقال تعالى: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج. ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وانه على كل شيء قدير. وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور}وقال تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}
وهذا النهج القرآني في التأكيد على العقيدة الاسلامية ظل مستمراً حتى بعد الهجرة الى المدينة، فكانت الآيات تنزل ببيانها، او تختم آيام المعاملات بأصول العقيدة كالايمان بالله واليوم الآخر. والتأكيد على العقيدة وهو النهج السليم كما قلنا، لازم أيضاً للداعي في دعوته بالنسبة لضعاف العقيدة من المسلمين الذين يظهر ضعف عقيدتهم بعصيان أوامر الشرع واستثقال تكاليفه والتخبط في كثير من دروب الغواية والضلال. بل إن هذا النهج لازم حتى بالنسبة للمسلمين الذين لا يظهر عليهم عصيان ظاهر، لأن هذا التأكيد على العقيدة وتذكيرهم بمعانيها يقيهم الانحراف والعصيان.


المبحث الثانى : الواجبات المتعلقة بالوسائل :-
تبليغ الدعوة الى الله تكون بالقول وبالعمل وبسيرة الداعي التي تجعله قدوة حسنة لغيره فتجذبهم الى الاسلام، ونتكلم عن هذه الوسائل في ثلاثة فروع متتالية:

الفرع الأول - التبليغ بالقول
اهمية القول في التبليغ
-  القول هو الأصل في تبليغ الدعوة الى الله فالقرآن – وفيه معاني الدعوة الى الله – هو قول رب العالمين نزل به الروح الامين على محمد صلى الله عليه وسلم ليكون به التبليغ قال تبارك وتعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} وكان تبليغ رسول الله لرسالة ربه للناس بالقول، قال تعالى مخاطباً رسوله وآمراً له أن يقول للناس: {قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم} {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً}. وكذلك أمر الله رسله أجمعين بتبليغ أقوامهم رسالة ربهم بالقول المبين قال تعالى: {لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إليه غيره} {وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين} فلا يجوز للداعي أن يغفل مكانة القول في تبليغ الدعوة ولا أثر الكلمة الطيبة في النفوس. فالقول اذن هوالوسيلة الأصيلة في ايصال الحق للناس.

الضوابط العامة في القول
-  يجب أن يكون القول واضحاً بيناً لا غموض فيه ولا إبهام، مفهوماً عند السامع لأن الغرض من الكلام ايصال المعاني المطلوبة الى من يكلمه الداعي فيجب أن يكون الكلام واضحاً غاية الوضوح، ولهذا أرسل الله رسله بألسنة أقوامهم حتى يفهموا ما يدعونهم إليه ويستطيعون بيانه إليهم قال تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم}. وجعل الله تعالى وظيفة الرسل الكرام التبليغ المبين الواضح لتقوم الحجة على المخاطبين، قال تعالى: {وما على الرسول إلا البلاغ المبين} ومقياس الوضوح ليس نفس الداعي وفهمه فقد يكون الكلام واضحاً بالنسبة له غامضاً بالنسبة إليهم. وكذلك ليس المقياس وضوح القول بذاته فقد يكون الكلام واضحاً بنفسه ولكنه غير واضح بالنسبة إليهم. فالمقياس إذن هو أن يكون واضحاً عندهم وهذا هو الذي يشير اليه قوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} فالبيان لهم، لا للداعي ولا للكلام بذاته. وفي الحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها قالت: كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاماً فصلاً أي بيناً ظاهراً يفهمه كل من يسمعه".
-  ويجب ان يكون الكلام خالياً من الألفاظ المستحدثة التي تحتمل حقاً وباطلاً وخطأ وصواباً. وعلى الداعي ان يحرص على استعمال الالفاظ الشرعية المستعملة في القرآن والسنة وعند علماء المسلمين لأن هذه الألفاظ تكون محددة المعنى واضحة المفهوم خالية من أي معنى باطل قد يعلق في ذهن المدعو. وقد أشار القرآن الكريم إلى ضرورة هذا النهج في الكلام قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} لأن في كلمة (راعنا) في لسان اليهود معنى باطلاً كانوا يقصدونه عند مخاطبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة فأمر الله المسلمين أن يتركوها ويستعملوا كلمة انظرنا بدلاً منها حتى لا يتحجج اليهود فيستعملوا كلمة راعنا يريدون بها الشتيمة والتنقيص. وإذا اضطر الداعي الى استعمال بعض الألفاظ المستحدثة فعليه أن يبين مقصوده منها حتى لا يتبادر الى الآذهان المعاني الباطلة التي تحملها هذه الألفاظ أوالتي يفهمها الناس منها.



الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
-  والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غالباً ما يكون بالقول، كما أنه قد يكون بدعوة غير المسلم الى الاسلام. أو بدعوة المسلم العاصي الى طاعة الله سبحانه وتعالى والاقلاع عن مخالفة شرعه، كما أن هذا الأمر والنهي بأنواعه قد يكون موجهاً الى شخص بعينه أو الى عدة أشخاص أو الى طائفة من الناس أو بشكل دعوة عامة الى الناس لاتباع ما جاء به الاسلام وترك ما يخالفه. والقواعد الجامعة في هذا الباب والتي يجب أن يفقهها الداعي هي ما يلي:



الفرع الثاني - التبليغ بالعمل

-  المقصود بالعمل: نريد بالعمل هنا في مجال التبليغ إزالة المنكر فعلاً وهذا هو الغالب ويجوز أن لا يكون في العمل إزالة منكر وإنما فيه إقامة معروف مثل بناء مسجد أو مدرسة أو نحو ذلك مما يسهل أو يحقق اقامة شرع الله في جانب من جوانبه ويكون هذا العمل كدعوة صامتة الى الاسلام ووسيلة فعالة من وسائل نشر الدعوة الى الله.


الفرع الثالث - التبليغ بالسيرة الحسنة
أهمية السيرة الحسنة
-  من الوسائل المهمة جداً في تبليغ الدعوة الى الله وجذب الناس الى الاسلام، السيرة الطيبة للداعي وأفعاله الحميدة وصفاته العالية وأخلاقه الزاكية مما يجعله قدوة طيبة وأسوة حسنة لغيره، ويكون بها كالكتاب المفتوح يقرأ فيه الناس معاني الإسلام فيقبلون عليها وينجذبون اليها، لأن التأثر بالافعال والسلوك أبلغ وأكثر من التأثر بالكلام فقط.
-  إن الإسلام انتشر في كثير من بلاد الدنيا بالسيرة الطيبة للمسلمين التي كانت تجلب أنظار غير المسلمين وتحملهم على اعتناق الاسلام فالقدوة الحسنة التي يحققها الداعي بسيرته الطيبة هي في الحقيقة دعوة عملية للاسلام يستدل بها غير المسلم على أحقية الاسلام وانه من عند الله، لا سيما إذا كان سليم الفطرة سليم العقل.
-  ومن السوابق القديمة في أهمية السيرة الحسنة للداعي وأثرها في تصديقه والايمان بما يدعو إليه أن خديجة بنت خويلد رضي الله عنها عندما أخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حدث له في غار حراء قالت له "ابشر والله لا يخزيك أبداً انك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتعين على نوائب الدهر – في أوصاف أخر جميلة عدتها من أخلاقه تصديقاً منها له واعانة على الحق".
وروي أيضاً أن أعرابياً جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: من أنت؟ قال أنا محمد بن عبد الله؟ قال الاعرابي أأنت الذي يقال عنك انك كذاب؟ فقال أنا الذي يزعمونني كذلك فقال الاعرابي: ليس هذا الوجه وجه كذاب، وما الذي تدعو إليه؟ فذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدعو إليه من أمور الإسلام فقال له الأعرابي آمنت بك وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. فالاعرابي استدل بسمت رسول الله ووجهه المنير الكريم الذي يكون عليه أهل الصدق والاخلاق الكريمة، استدل بذلك على صدقه فيما يدعو إليه صلى الله عليه وسلم.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.